في كثير من مجالسنا نجد من يوقظ في نفوسنا "الحماس الدعوي" ويشعل فتيل الهمة وبعد ذلك ننطلق لممارسة بعض الأنشطة الدعوية، وما هي إلا أيام إلا وتنطفئ شمعة الحماس، ويضعف داعي الهمة، وهكذا نحتاج لمن يعظنا مرة أخرى لننطلق مرة أخرى.
إن الأمة تنتظر أي مشاركة مني ومنك على سبيل الدوام والاستمرار ولو على القليل، لا على سبيل ردود الأفعال.
إن الداعية الصادق هو من يملك قناعة راسخة بضرورة الدعوة ووجوب الإصلاح اقتداء بالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وانطلاقًا من آيات الكتاب العزيز: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125]، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104].
إننا نريد الداعية الذي بنى حياته كلها على "الدعوة" ورسم الخطة لهذه الغاية العظيمة، ولا نريد الداعية الذي بنى برامجه ردودًا لأفعال أو حماسة لمواجهة منكر معين.
إن كل عمل جليل يفتقر إلى توفيق الله -تعالى-، ونحن نجزم أن تعليم الخلق ونصح الآخرين من أهم الأمور التي يجب أن تبنى على ذلك.
إننا نرى برامج تبدأ ونفرح لها ولكن سرعان ما تتوقف، بالطبع هناك عوامل تساهم في الاستمرار ولكني أجزم أن القناعة ووضوح الهدف كفيلة بالاستمرار ولو على الشيء اليسير.
ونحن نرى ونسمع عن بعض الدعاة ينشط في مسجد أو حي أو قرية ولكن بعد أيام ينتقل إلى مكان آخر أو يتزوج وبعد ذلك "يودع الدعوة" وكأنها وظيفة مؤقتة أو عمل مضى وذهب.
لقد سبرت حياة العلماء على مر الزمان فظهر لي أنهم كانوا "دعاة حتى الممات".
فتأمل في حياة الإمام أحمد وطالع في سيرة ابن تيمية وانظر في الأئمة ابن باز وابن عثيمين والألباني وابن جبرين -رحمهم الله أجمعين- هل كانوا إلا دعاة حتى الممات؟!.
لقد كانوا مقتنعين بالهم الدعوي وساروا في تحقيقه ونجحوا، وهكذا ننجح.